الموت, صديق أم عدّو؟
من الممكن أن يُسدل ستار الموت على حياتك في أيّة لحظة, ومع ذلك ليس الموت – الانتقال - هو المهم, بل المصير المرتبط بهذا الانتقال – الأبدية - هو المهم. لأن الموت ليس نهاية الطريق، بل هو مجرد منعطف في الطريق.
بعد الموت يقال عن الشخص أنه رحلَ, لكن الكلمة الأصح هي وصل, فما حياتنا إلا استعداد للأبدية. وعندما يبدأ مصيرنا الأبدي, إن كان في الجحيم أو في السماء, عليك أن تدرك أنه لا يمكن إنهاؤه أبداً أو العودة منه.
ما أكثر الذين ماتوا ثم اكتشفوا أن الكلمات الجميلة التي تُليت في حفل تأبينهم كانت بعيدة عن الحقيقة التي يواجهون, حيث البكاء وصرير الأسنان.
كانت كلمات هاملت في مسرحية شكسبير (أكون، أو لا أكون). وقد قرر الانتحار لأن الحياة بالنسبة له باتت لا تطاق. لكنّه بعد أن فكر إلى أين قد يصل به الموت، تراجع. لقد بدا له الانتحار جذاباً, وفي الوقت عينه بغيضاً. لو استطاع أحد أن يؤكد له ان الموت سيحرره من بحر آلامه لكان أقدم عليه. لكنه كغيره كان يخشى تلك المدينة المجهولة التي لم يعد أحد ممن قصدها. لذلك فضل الحياة على الموت معتبراً أنَّ آلامه الآنيّة مقبولة، مقارنة بالمصير الأبدي الذي ينتظره.
من أجل أبديتك الثمينة أشجعك عزيزي القارئ ألا تهدأ حتى تتأكد أين ستكون مباشرة بعد الموت. ربما لا تود التفكير بذلك, لأن مجرد فكرة الموت هي مخيفة ومرعبة. لكن لدي خبر سار أقدمه لك, إنه يمكنك أن تكون مهيأ لتلك الساعة إن وضعت ثقتك بمخلّص قدير اسمه يسوع, يمنحك الضمان لحياة أبدية سعيدة بعد الموت, حتى إذا اقترب موعد رحيلك تستطيع أن تتعزى.
لقد جاء المسيح إلى أرضنا, ومات حاملاً دينونة خطايانا على الصليب, ليصير بذلك مخلّصاً للعالم. وإذ قام في اليوم الثالث كاسراً شوكة الموت, وصاعداً إلى السماء, أنار لنا الحياة والخلود, وأخبرنا قائلاً: "من يؤمن بي فله حياة أبدية" (يوحنا6: 47).
إن موت المسيح على الصليب حوّل الموت - ذلك العدو المشين- إلى بركة لكل الذين تصالحوا مع الله في المسيح يسوع, إذ صار ممراً إلى نعيم أبدي.
إنّ من آمن بالمسيح, صار يرى الموت مُدرجاً في لائحة هبات الله، وما كان في الأول وحشاً يزجّهم في الزاوية، أصبح الآن خادماً لهم يعمل على تحريرهم, لكي ينطلقوا إلى السماء حيث المسيح مخلصهم.
يقول هاملت الملحد: (الحياة أو الموت هما خسارة).
لكن الرسول بولس الذي آمن بالرب يسوع المسيح مخلّصاً له يقول: "لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح" (فيلبي1: 21).
لذلك صديقي أدعوك أن تسارع لتضمن أبديتك, أدعوك لتسلّم حياتك للرب. اليوم هو يوم خلاص, اليوم هو يوم مقبول. لا تؤجل فرصة خلاصك, فأنت لا تعلم إن كان غداً سيأتي عليك, أو حتى إن كنت ستكمل يومك هذا. سارع واغنمِ الفرصة قبل أن تنتهي حياتك على الأرض ويُقفل في وجهك باب النعمة المشرّع اليوم, فتندم حيث لا ينفع الندم. الله يحبك ولا يريد أن تختم حياتك على الأرض وأنت بعيد عنه بسبب خطاياك, لأن الموت حينئذ سيكون نقلة لعالم الدينونة حيث هناك جهنم, النار التي لا تطفأ, والعذاب الذي لا ينتهي. الله يريدك أن تَخْلص وتتمتع بالفداء الذي تممه المسيح, بموته على الصليب, ليكون لك بعد الموت, الهناء في نعيم أبدي.