ملوك يهوذا منذ انقسام المملكة حتى السبي البابلي
خرج بنو إسرائيل من أرض مصر نحو سنة 1446 ق.م.، وتغربوا في أرض سيناء 40 سنة مات في نهايتها موسى النبي، وتولى يشوع المسئولية فدخل بالشعب إلى أرض كنعان نحو 1406 ق.م.، وعاش معهم ثلاثين عامًا، بدأ بعدها عصر القضاة خلال الفترة من (1375 - 1050 ق.م.) على مدار نحو 325 عامًا، وبدأ عصر الملوك بمُلك شاول أول ملوك إسرائيل (1050 - 1010 ق.م.) أعقبه داود ثاني ملوك إسرائيل (1010 - 970 ق.م.) أعقبه سليمان ثالث ملوك إسرائيل (970 - 930 ق.م.) وبذلك عاشت إسرائيل مملكة موحَّدة تضم جميع الأسباط خلال الثلاثة ملوك وهم شاول وداود وسليمان، خلال فترة تبلغ نحو مائة وعشرين عامًا، أعقبها انشقاق المملكة في بداية عصر رحبعام إلى مملكة إسرائيل في الشمال، ومملكة يهوذا في الجنوب، واستمرت المملكة الجنوبية خلال الفترة من (730 - 586 ق.م.) نحو 334 عامًا، تولى خلالها الحكم تسعة عشر ملكًا جميعهم من سلالة داود بالإضافة إلى ملكة واحدة وهي "عثليا" من نسل عمري ملك إسرائيل، ومن أشهر ملوكهم صلاحًا يوشيا وحزقيا، بالإضافة إلى ستة ملوك آخرين كانوا صالحين إلاَّ أنهم غضوا البصر عن المرتفعات، وهؤلاء الملوك هم آسا بن أبيا، ويهوشافاط بن آسا، ويوآش بن أخزيا، وأمصيا بن يوآش، وعزريا بن أمصيا، ويوثام من عُزّيا، أما بقية الملوك فقد كانوا أشرارًا .
ويقول " الخوري بولس الفغالي": "لم تعرف مملكة يهوذا منازعات على الحكم مثل مملكة إسرائيل. فإذا جعلنا جانبًا حادثة الملكة " عثليا " زوجة الملك يورام، وإبنة إيزابيل الفينيقية، التي فرضت نفسها بالقوة ملكة من سنة 841 إلى سنة 835 ق.م.، نلاحظ أن أبناء داود حافظوا على العرش حتى سنة 587 ق.م.".
وفيما يلي نُلقي الضوء قليلًا على ملوك يهوذا من خلال خطوط عريضة وعبارات موجزة:
1) رحبعام بن سليمان
2) أبيام (أبيا) بن رحبعام
3) آسا بن أبيا
4) يهوشافاط بن آسا
5) يهورام بن يهوشافاط
6) أخزيا (يهواحاز) بن يهورام
7) عثليا بنت أخآب
8) يوآش بن أخزيا
9) أمصيا بن يوآش
10) عزريا بن أمصيا
11) يوثام بن عُزّيا
12) أحاز بن يوثام
13) حزقيا بن آحاز
14) منسى بن حزقيا
15) آمون بن منسى
16) يوشيا بن آمون
17) يهوآحاز بن يوشيا
18) يهوياقيم بن يوشيا
19) يهوياكين بن يهوياقيم
20) صدقيا بن يوشيا
1- :
أ - اسم عبري معناه " الشعب يتسع أو يتزايد " وهو ابن "نعمة العمونية"، وقد تولى الحكم بعد موت أبيه سليمان، وفي عهده انقسمت المملكة بسبب انصياعه إلى مشورة الأحداث، تولى " يربعام بن ناباط " حكم العشرة أسباط الشمالية، وتولى " رحبعام " حكم سبطي يهوذا وبنيامين، وتحقَّق قول الرب بفم أخيا الشيلوني، فجمع رحبعام كل بيت يهوذا وبنيامين ليحارب بقية الأسباط، فكان كلام الرب إلى شمعيا النبي بردهم، لأن من قِبل الرب كان هذا الأمر (1مل 12: 1 - 24).
ب- مَلَكَ رحبعام وله من العمر واحد وأربعين عامًا، ومَلَكَ سبعة عشر سنة في أورشليم (1مل 14: 21).
جـ- في عهده بنى الشعب المرتفعات وأقاموا الأنصاب والسواري على كل تل مرتفع وتحت كل شجرة خضراء، وسقط بعضهم في الشذوذ الجنسي (1مل 14: 22 - 24) فبعد أن تثبتت مملكة رحبعام ترك شريعة الرب هو وشعبه (2أي 12: 1).
د - في السنة الخامسة من مُلكه صعد شيشق ملك مصر ونهب خزائن الهيكل وخزائن بيت الملك، وأتراس الذهب التي عملها سليمان، فعمل رحبعام بدلًا منها أتراس نحاس، وانتهت روعة المنشآت التي أقامها سليمان ولم يمضِ على إنشائها سوى عشرون عامًا (1مل 14: 25 - 28).
هـ- مات رحبعام ودُفن مع أبائه في مدينة داود (1مل 24: 31).
2- :
أ - اسم عبري معناه " أبو اليم " أو " أبو البحر"، ولعل رحبعام أسماه هكذا على أمل أنه يتمكن من استرداد مملكة داود وسليمان، ولكن الأسم صار سخرية للأسباط العشرة، فغيَّره إلى " أبيا " أي " يهوه أبي"، وهو ابن معكة ابنة أبشالوم، وقد مَلَكَ في السنة الثانية عشرة لمللك يربعام، ومَلَكَ ثلاث سنين في أورشليم (1مل 15: 1).
ب- عمل الشر في عيني الرب وسار في خطايا أبيه، ولم يكن قلبه كاملًا كقلب داود (1مل 15: 3).
جـ- كما كانت هناك حربًا بين رحبعام ويربعام كل الأيام، هكذا استمرت الحرب مع أبيام (1مل 14: 30، 15: 6) فقاد أبيا جيشًا قوامه أربعمائة ألف مقاتل، ليرد مملكة إسرائيل، وتصدى له يربعام بثمان مئة ألف مقاتل فكاد يسحقهم، حتى أنه أحاط بهم من الأمام والخلف، فصرخ بنو يهوذا لله فخلصهم، وسقط من بني إسرائيل خمس مئة ألف رجل مختار، وأخذ أبيا عن يربعام مدن بيت إيل وبشانة وعقرون والقرى المحيطة بهذه المدن.
د - تزوج أبيا بأربع عشرة زوجة وأنجب أثنين وعشرين ولدًا وستة عشر بنتًا (2أي 14: 21) ومات ودُفن في مدينة داود (1مل 15: 8).
3- :
أ - اسم عبري معناه " الآسر " أو " الطيب " وقد نُسب إلى جدته معكة ابنة أبشالوم، ومَلَكَ في السنة العشرين ليربعام ملك إسرائيل، ومَلَكَ في أورشليم واحد وأربعين سنة (1مل 15: 9).
ب- عمل آسا ما هو مستقيم في عيني الرب، وأزال المأبونين، ونزع جميع الأصنام، وعزل جدته معكة من المُلك، وقطع تمثال السارية التي عملته وأحرقه (1مل 15: 11 - 13) ونزع المذابح الغريبة والمرتفعات وتماثيل الشمس، وبنى مدن حصينة في يهوذا (2أي 14: 2 - 7).
جـ- هجم زارح الكوشي على يهوذا بجيش يبلغ عدده مليون جندي وثلاث مئة مركبة، ولاقاه آسا بجيش قوامه 580 ألفًا، ودعا آسا الرب قائلًا: أيها الرب ليس فرقًا عندك أن تساعد الكثيرين ومن ليس لهم قوة فساعدنا أيها الرب إلهنا، فضرب الرب الكوشيين أمام آسا لأن رعب الرب وقع عليهم (2أي 14: 9 - 15).
د - جدد آسا مذبح الرب، وقدم ذبائح للرب، وقطع عهدًا مع الرب، حتى أن كل من لا يطلب الرب يُقتل، وفرح كل يهوذا، وأراحهم الرب (2أي 15: 8 - 15).
هـ- كانت هناك حربًا بين آسا وبين بعشا ملك إسرائيل الذي أراد بناء الرامة ليضيّق على بني يهوذا، فاستعان آسا ببنهدد ملك آرام، وأرسل له فضة وذهبًا، فأرسل بنهدد رؤساء جيوشه على مدن إسرائيل، فكفَّ بعشا عن بناء الرامة (1مل 15: 16 - 22) ولكن حناني الرائي عاتب آسا لأنه استند على ملك آرام ولم يلجأ للرب الذي وهبه النصرة على الكوشيين، فغضب آسا على حناني وأودعه السجن، ومرض آسا برجليه، ولم يطلب الرب بل طلب الأطباء، فظل في مرضه سنتين حتى مات (2أي 16: 7 - 14).
4- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه يقضي " ومَلَكَ في السنة الرابعة لأخآب، وكان عمره حينذاك خمسة وثلاثين عامًا، ومَلَكَ خمسًا وعشرين سنة في أورشليم، وإسم أمه " عزوبة بنت شلحي" (1مل 22: 41).
ب- عمل ما هو مستقيم في عيني الرب، وقام بإصلاحات سياسية واقتصادية ودينية، فجعل جيشًا في كل مدن يهوذا الحصينة، وبنى حصونًا ومدن ومخازن، وأقام قضاة في الأرض وأوصاهم بإقامة العدل والابتعاد عن الرشوة، وأطلق اللاويين في مدن يهوذا ومعهم سفر شريعة الرب ليعلّموا الشعب (2أي 17، 19: 6 - 11).
جـ- صاهر أخآب ملك إسرائيل سعيًا وراء الصلح والسلام، وعلى أمل إعادة الوحدة بين المملكتين، فأخذ عثليا ابنه أخآب وإيزابل زوجة لإبنه يهورام، فأدخل الشر إلى مملكة يهوذا من أوسع الأبواب، وصاحب أخآب في الحرب في راموت جلعاد منساقًا بنصائح الأنبياء الكذبة، رغم تحذير ميخا بن يملة، فكاد يُقتل في الحرب، وقُتل أخآب (2أي 18) ولآمه ياهو بن حناني الرائي لأنه اشترك مع أخآب في الحرب (2أي 19: 1 - 3).
د - هاجم الموآبيون والعمونيين مملكة يهوذا، فنادى يهوشافاط بصوم وتضرع لله، فطمأنه يحزئيل بن زكريا اللاوي، وطلب منه الخروج للأعداء، والوقوف والانتظار لخلاص الرب، وقام اللاويون برفع أصواتهم بالتسبيح بصوت عظيم جدًا، فجعل الرب أكمنة على الموآبيين والعمونيين وسكان جبل سعير، فقاتلوا بعضهم بعضًا، وتقدم يهوشافاط وجيشه ليجنوا ثمار المعركة التي لم يشتركوا فيها (2أي 20).
هـ- مات يهوشافاط ودُفن مع أبائه في مدينة داود (1مل 22: 5).
5- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه مرتفع " ويختصر الاسم إلى " يورام"، وقد شارك أبيه الملك في السنة الخامسة ليورام بن أخآب ملك إسرائيل، وكان عمره حين مَلَكَ أثنين وثلاثين سنة ومَلَكَ ثمان سنين في أورشليم (2مل 8: 16، 17).
ب- تزوج بعثليا ابنة أخآب وإيزابل، فأغوته على فعل الشر، حتى أنه قتل جميع إخوته بحد السيف، وبنى المرتفعات على الجبال وطوح يهوذا في الشر، وأقام عبادة البعل، وفي أيامه عصى آدوم على يهوذا (2أي 21: 4 - 11).
جـ- أتت إليه كتابة من إيليا النبي الذي كان قد أُصعد في مركبة نارية للسماء، ينبئه بنقمة الرب منه بسبب كثرة شروره، وأهاج الرب عليه الفلسطينيين والعرب والكوشيين، فسبوا نساء الملك وأمواله وأولاده باستثناء يهواحاز ابنه الأصغر، وضربه الرب بداء في أمعائه حتى خرجت أمعائه، ومات غير مأسوف عليه، ولم يُدفن في قبور الملوك (2أي 21: 12 - 20).
6- :
أ - اسم عبري معناه " من يسنده الرب " أو " من يمسكه الرب " وهو ابن " عثليا " ابنة أخآب وإيزابل، ومَلَكَ في السنة الثانية عشر ليورام بن أخآب ملك إسرائيل، وكان عمره حين مَلَكَ أثنين وعشرون سنة ومَلَكَ سنة واحدة في أورشليم (2مل 8: 25).
ب- عمل الشر في عيني الرب، وقد تحكمت فيه أمه عثليا، وذهب مع خاله يهورام بن أخآب لمحاربة حزائيل ملك آرام، وأصيب يهورام فاتجه إلى يزرعيل ليشفى، وذهب أخزيا لزيارة خاله المصاب، فإذا به يُغتال مع خاله بيد ياهو بن نمشى (2أي 22: 2 - 9).
7- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه مرتفع " وهي ابنة أخآب وإيزابل، وملكت نحو ست سنوات.
ب- أثَّرت عثليا على زوجها يهورام، ثم على ابنها أخزيا، فنشرت عبادة البعل في مملكة يهوذا في الوقت الذي كادت تتوقف فيه هذه العبادة في المملكة الشمالية بعد موت إيزابل وأخآب، وبعد أن أباد ياهو كهنة البعل في إسرائيل (2مل 10: 28).
جـ- عندما رأت عثليا أن إبنها أخزيا قُتل بيد ياهو، نصَّبت نفسها ملكة على يهوذا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولكيما تضمن العرش لها قامت بإبادة أحفادها، فلم ينجو غير طفل صغير وهو " يؤآش " الذي أخفته عمته " يهوشبع " وزوجها الكاهن الشجاع يهوياداع لمدة ست سنوات، وفي السنة السابعة نصبوه ملكًا، وقتلت عثليا (2مل 11: 1 - 16).
8- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه فتح " فهو اختصار اسم يهوآش، وإسم أمه " ظبية " من بئر سبع، ومَلَكَ في السنة السابعة لحكم ياهو ملك إسرائيل، وقد مَلَكَ وله من العمر سبع سنوات تحت إرشاد الكاهن الأمين يهوياداع، واستمر في الحكم أربعين عامًا (2مل 12: 1).
ب- عمل يوآش ما هو مستقيم في عيني الرب، في حياة مُرَبيه ومُرشده الروحي يهوياداع الكاهن، غير أنه لم ينزع المرتفعات (2مل 12: 2، 3).
جـ- كلف الكهنة بجمع فضة الأقداس لترميم بيت الرب، ولكنهم تقاعسوا، فكلف يهوياداع الذي عمل صندوقًا للتبرعات، فقاموا بترميم الهيكل (2مل 12: 4 - 16).
د - بعد موت يهوياداع الكاهن عن عمر يبلغ المائة والثلاثين عامًا، جاء رؤساء يهوذا وسجدوا للملك وتملَّقوه، وطلبوا منه أن يسمح لهم بعبادة الآلهة الغريبة فوافقهم، وعندما بكتهم زكريا بن يهوياداع رجموه (2أي 24: 15 - 22).
هـ- هجم حزائيل ملك ارآم على الأرض، وأهلك رؤساء الشعب، فدفع له يوآش جميع الأقداس، فعاد إلى أراضيه (2مل 12: 17 - 21).
و - فتن عليه عبيده من أجل دماء بني يهوياداع الكاهن فقتلوه على سريره، ولم يدفنوه في قبور الملوك (2أي 24: 25).
9- :
أ - اسم عبري معناه " الرب قوي"، وقد مَلَكَ في السنة الثانية لحكم يوآحاز ملك إسرائيل، واسم أمه " يهوعدَّان " وقد مَلَكَ وله من العمر خمسة وعشرون عامًا، ومَلَكَ لمدة تسعة وعشرين سنة في أورشليم (2مل 14: 1).
ب - عمل ما هو مستقيم في عيني الرب، ولكن ليس كداود أبيه، وقد قتل الذين قتلوا أبيه ولم يقتل أولادهم بحسب ما أوصت الشريعة (2مل 14: 3 - 6).
جـ- أراد أن يفرض سلطانه على أدوم، فاستأجر مئة ألف جبار بأس من إسرائيل بمئة وزنة من الفضة، ولكن رجل الله نصحه بصرف هؤلاء الأشرار لئلا يسقط أمام العدو، فأطاع وصرفهم، وتشدَّد أمصيا فقتل عشرة آلاف من بني سعير، وسبى عشرة آلاف آخرين فأتى بهم إلى رأس سالع وطرحهم فتكسروا. أما الذين استأجرهم أمصيا وصرفهم من بني إسرائيل فقد هجموا على مدن يهوذا، وضربوا ثلاثة آلاف، ونهبوا نهبًا كثيرًا، واستولى أمصيا على عاصمة أدوم وهي " سالع " ودعى اسمها " يقتئيل" (2أي 25: 5 - 14) غير أنه سقط سقطة شنيعة إذ أحضر آلهة بني سعير وسجد لها.
د - تكبر أمصيا وأرسل ليوآش ملك إسرائيل يقول له: هلمَّ نتراءى مواجهة، فنصحه يوآش أن يقيم في بيته ويتمجد، فلماذا يسعى للشر، غير أنه لم يستمع لنصيحة يوآش، واشتعلت نيران الحرب وأُسر أمصيا، وجاء يوآش ملك إسرائيل وهدم جزء كبير من سور أورشليم، وسلب الذهب والفضة من بيت الرب وعاد إلى السامرة (2أي 25: 17 - 24).
هـ- عاش أيضًا بعد موت يوآش ملك إسرائيل خمسة عشر سنة، وعندما سمع أن هناك مؤامرة تُحاك ضده هرب إلى أخيش، فأرسلوا وراءه رجالًا قتلوه (2أي 25: 25 - 28).
10- :
أ - اسم عبري معناه " من أعانه يهوه " وعُرِف باسم " عُزّيا"، وإسم أمه " يكليا " من أورشليم، مَلَكَ في السنة السابعة والعشرين من حكم يربعام الثاني ملك إسرائيل، وكان عمره حين مَلَكَ ستة عشر عامًا، ومَلَكَ لمدة أثنين وخمسين سنة في أورشليم (2مل 15: 1، 2).
ب- عمل ما هو مستقيم في عيني الرب مثل أمصيا أبوه، وعاصر زكريا النبي، وقد أعانه الله في حروبه ضد الفلسطينيين والعرب، وقدم له العمونيون هدايا، وحصَّن عُزّيا أورشليم إذ بنى أبراجًا فيها وفي البرية، واهتم بتسليح الجيش وعمل منجنيقات لرمي السهام والحجارة حتى صار أقوى ملوك المنطقة، فكان مصدر خطر على الإمبراطورية الآشورية، وورد اسمه في السجلات الآشورية على أنه يُعمل له ألف حساب، وإذ كان يحب عُزّيا الفلاحة حفر أبارًا كثيرة وكان له ماشية كثيرة وأراضِ زراعية (2أي 26: 6 - 15).
جـ - لما تشدَّد تكبر وارتفع قلبه، فضربه الله بالبرص لأنه تعدى على وظيفة الكهنوت، إذ قدم بخورًا على مذبح البخور بالرغم من تحذيرات الكهنة له، فاعتزل الحياة السياسية والاجتماعية، وأقام في بيت المرض حتى يوم وفاته، بينما كان ابنه يوثام يدير شئون المملكة (2أي 26: 16 - 21).
11- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه كامل " واسم أمه " يروشة بنت صادوق"، ومَلَكَ في السنة الثانية لحكم فقح بن رمليا، وكان عمره حينذاك خمسة وعشرون عامًا، ومَلَكَ ستة عشر سنة في أورشليم (2مل 15: 32، 33، 2أي 27: 1).
ب- شارك يوثام أبيه عُزّيا الحكم آخر أربع سنوات من مُلكه بسبب إصابته بالبرص (2مل 16: 1).
جـ- استكمل الإصلاحات التي بدأها أبوه، وبنى مدنًا على جبل يهوذا وحارب العمونيين وانتصر عليهم، وفرض جزية سنوية عليهم (2أي 27: 4 - 6).
د - رفض التحالف مع رصين ملك آرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل ضد آشور، فانقلب عليه الاثنان، بينما استعان هو بملك آشور، الذي صعد على دمشق وقتل ملكها رصين (2مل 16: 5 - 9).
هـ- ذهب إلى دمشق للقاء وشكر تغلث فلاسر، ورأى المذبح الذي أُقيم في دمشق فأرسل لإقامة شبيه له في أورشليم، حتى أنه غير مكان مذبح المحرقة، وقدم ذبائح على المذبح الغريب، ومات يوثام ودُفن في قبور الملوك في أورشليم (2مل 16: 10 - 18).
12- :
أ - اسم عبري معناه " قد امتلكه الرب"، وقد مَلَكَ في أورشليم وعمره كان حينذاك عشرون سنة، ومَلَكَ ستة عشر عامًا في أورشليم (2مل 16: 1).
ب- عمل الشر في عيني الرب، وأوقد في وادي ابن هنوم وأحرق بنيه بالنار إذ قدمهم ذبائح بشرية لمولك، وذبح وأوقد على المرتفعات وعلى التلال وتحت كل شجرة خضراء، فحمى غضب الرب عليه ودفعه ليد آرام فضربوه وسبوا عدد كبير من بني يهوذا إلى دمشق، كما دفعه الرب ليد فقح ملك إسرائيل، الذي ضرب من يهوذا مائة وعشرين ألفًا في يوم واحد، وقتل معسيا ابن الملك، وعزيقام رئيس البيت، والقانة ثاني الملك، وسبى من بني إسرائيل مائتي ألف، ولكن بسبب تبكيت النبي " عوديد " لهم أعادوهم بعد أن ألبسوا عراتهم وحذوهم وأطعموهم وسقوهم وحملوا المعيّين منهم على حمير (2أي 28: 2 - 15).
جـ- ذلَّل الرب يهوذا من أجل شرور آحاز ملك يهوذا، فهجم عليهم الأدوميين والفلسطينيين، وجاء عليهم ملك آشور تغلث فلاسر، أما آحاز فلم يلجأ للتوبة والاتضاع، بل أغلق أبواب الهيكل وعمل لنفسه زوايا في أورشليم (2أي 28: 16 - 25).
د - مات آحاز فدفنوه في أورشليم ولكن ليس في قبور الملوك (2أي 28: 27).
13- :
أ - اسم عبري معناه " الرب قد قوى " واسم أمه " أبيَّة ابنة زكريا " مَلَكَ على يهوذا في السنة الثالثة لحكم هوشع بن ايلة آخر ملوك إسرائيل، وكان عمر حزقيا حين مَلَكَ خمسة وعشرين سنة، ومَلَكَ في أورشليم لمدة تسعة وعشرين عامًا (2مل 18: 1، 2أي 29: 1).
ب- عمل المستقيم في عيني الرب، فمنذ السنة الأولى لمُلكه فتح أبواب الهيكل المُغلقة، وطهَّر بيت الرب من الأوثان والأصنام وكسر التماثيل وقطع السواري، وسحق حيَّة النحاس التي عبدها بنو إسرائيل، والتصق بالرب ولم يحد عن وصاياه والرب أعطاه النجاح، وأعاد للهيكل العبادات المقدَّسة وقدم الذبائح لرب السماء، وقدم الشعب معه آلاف الذبائح، وأعاد التسابيح إلى بيت الرب، وفرح الملك والشعب (2مل 18: 3 - 7، 2أي 29).
جـ- عمل حزقيا عيد الفصح وعيد المظال، فكان فرح عظيم في أورشليم، فأنه لم يُعمل عيد كهذا منذ أيام سليمان الملك (2أي 30) وانطلق الشعب في أرجاء البلاد يزيلون العبادات الباطلة في يهوذا وبنيامين وأفرايم ومنسى، وعاد للهيكل فرق الكهنة واللاويون، وعاد الشعب يقدم لهم البكور والنذور والعشور (2أي 31).
د - في السنة الرابعة للملك حزقيا صعد سنحاريب ملك آشور على مدن يهوذا الحصينة فاستولى عليها، فدفع له حزقيا إتاوة ثلثمائة وزنة من الفضة وثلاثين وزنة من الذهب، حتى أنه قشَّر الذهب عن أبواب هيكل الرب والدعائم (2مل 18: 13 - 16).
هـ- حفر قناة في الصخر الصلد دُعيت بقناة حزقيا، وذلك لنقل المياه من خارج أورشليم إلى داخلها، بلغ طولها 1800 قدمًا، واتساعها نحو أربعة أقدام، وارتفاعها نحو ستة أقدام، وذلك لكيما ينقذ المدينة من الهلاك عطشًا وقت الحصار (2أي 32: 30).
و - عاد سنحاريب لحصار أورشليم، فصرخ حزقيا للرب إلهه، وأنهض إشعياء للصلاة والتضرع للرب، فتدخل الرب وأرسل ملاكه فأهلك 185 ألفا من جيش سنحاريب، الذي هرب ورجع إلى بلاده فقتله ابناه (2مل 18: 17 - 19: 37).
ز - مرض حزقيا مرض الموت فتضرع للرب ملتمسًا عمرًا جديدًا، فأعطاه الله خمسة عشر عامًا، وأعطاه علامة أيضًا إذ رجع الظل إلى الخلف عشر درجات بدرجات آحاز بحسب طلبه، فقد صنع أبوه آحاز درجات تشبه مزولة لتحديد الوقت دُعيت بدرجات آحاز، وبعد خمسة عشر عامًا مات حزقيا (2مل 20).
14- :
أ - اسم عبري معناه " من ينسى " واسم أمه " حفظيبة"، وكان عمره حين مَلَكَ أثنى عشر عامًا، ومَلَكَ خمسة وخمسين سنة في أورشليم، أكثر من أي ملك آخر سواء من ملوك يهوذا أو إسرائيل (2مل 21: 1).
ب- لم يسلك منسى في طريق أبيه حزقيا، بل صنع الشر في عيني الرب، فبنى المرتفعات، وعمل تمثال سارية وضعه في بيت الرب، وأعاد طقوس الدعارة إلى معبد أورشليم، وبنى اصطبلات خيول لإله الشمس، وقدم الشعب أطفاله ذبائح بشرية للإله مُولك في وادي ابن هنوم، وسجد لكل جند السماء وعبدها، وعبَّر ابنه في النار وتفاءل واستخدم الجان والتوابع، وأضل الشعب وراءه (2مل 21: 2 - 9، 2أي 33: 2 - 7) وسفك منسى دماء بريئة حتى ملأ أورشليم دمًا (2مل 21: 16).
جـ- حاول الله افتقاد شعبه عن طريق الأنبياء، أما منسى فقد اضطهد أنبياء الرب حتى أنه نشر إشعياء بالمنشار بعد أن وضعه في شجرة مجوَّفة (2مل 21: 9، 10).
د - جلب الرب على يهوذا رؤساء جند آشور، فأسروا منسى وأخذوه بخزامة وقيدوه بسلاسل نحاس وذهبوا به إلى بابل، وعندما تضايق طلب وجه الرب، فاستجاب له الرب ورده إلى أورشليم. ثم بنى سورًا خارج مدينة أورشليم، وأزال الآلهة الغريبة، والمذابح الغريبة طرحها خارج أورشليم، ورمَّم مذبح الرب وأصعد ذبائح سلامة، وأمر يهوذا بالعودة إلى عبادة الرب (2أي 33: 11 - 16)، ومات منسى ودُفن في بستان بيته (2مل 21: 18).
15- :
أ - اسم عبري معناه " أمين " أو " صادق " واسم أمه " مَشُلّمة بنت حاروص " من يطبه، وكان عمره حين مَلَكَ أثنين وعشرين سنة، ومَلَكَ سنتان في أورشليم (2مل 21: 19).
ب- عمل الشر في عيني الرب، ولم يتعظ من حياة أبيه منسى، فعبد الأصنام وذبح لجميع التماثيل وعبدها، وترك الرب إله آبائه (2مل 21: 21، 22).
جـ- اغتاله عبيده وهو في بيته، فنهض الشعب وقتل كل قتلة الملك، ودُفن في بستان عُزَّا بجوار أبي منسى في بستان القصر الملكي (2مل 21: 23 - 26).
16- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه يشفي"، واسم أمه " يديدة بنت عداية " من بُصقة، وكان عمره حين مَلَكَ ثمان سنوات، ومَلَكَ 31 سنة في أورشليم (2مل 22: 1). وفي عهده كان " بسماتيك " ملك مصر القوة الضاربة في الجنوب، ومملكة آشور في الشرق، واحتار بينهما يوشيا، لمن منهما ينضم..؟ أما أرميا النبي فدعى لعدم الاتكال لا على مصر ولا على آشور " وَالآنَ مَا لَكِ وَطَرِيقَ مِصْرَ لِشُرْبِ مِيَاهِ شِيحُورَ؟ وَمَا لَكِ وَطَرِيقَ أَشُّورَ لِشُرْبِ مِيَاهِ النَّهْرِ؟" (أر 2: 18).
ب- تنبأ عن ميلاده رجل الله الذي جاء من يهوذا ومَثَلَ أمام يربعام بن ناباط، وأخبره بأنه سيولد لبيت داود ابن اسمه يوشيا يذبح كهنة المرتفعات، ويحرق عظام الأموات على هذا المذبح الذي أقامه يربعام (1مل 13: 1 - 6).
جـ- عمل يوشيا ما هو مستقيم في عيني الرب، وسار على درب داود أبيه لم يحد عنه يمينًا ولا شمالًا (2مل 22: 2) وإن كان سليمان بطل القسم الأول من سفر الملوك فإن يوشيا هو بطل القسم الثاني من السفر، وإن كان سليمان هو الذي بنى الهيكل فإن يوشيا هو الذي طهره من العبادات الغريبة وقام بإصلاحات عظيمة، ورمَّم الهيكل.
د - في العشرين من عمره طهَّر أورشليم ويهوذا ومدن منسى وأفرايم وشمعون حتى نفتالي من المرتفعات والسواري والتماثيل والمسبوكات وهدم مذابح البعليم وتماثيل الشمس، وأحرق عظام كهنة الأصنام على مذابحهم كنبوءة رجل الله عنه (2مل 23: 4 - 20، 2 أي 24: 3 - 7).
هـ- في السنة الثانية عشر من مُلكه بدأ بترميم الهيكل وبدأت حركة تجديدات واسعة في الهيكل، وتجاوبت السماء مع إصلاحاته، فوجد حلقيا أبو أرميا سفر شريعة الرب بيد موسى النبي، فدفعوا بالسفر إلى الملك يوشيا، ولما سمع يوشيا كلام الشريعة والويلات التي تأتي على المخالفين مزَّق ثيابه وبكى كثيرًا، وأرسل مشيريه ليسألوا الرب، فذهبوا إلى خلدة النبية التي أخبرته بأن كل هذه الضربات ستأتي على هذا الموضع ولكن ليس في أيامه من أجل تواضعه فجمع الملك كل الشعب وقرأ في أذانهم كلام سفر العهد، وقطع عهدًا مع الرب، وأزال جميع الرجاسات من كل الأرض، وهدم بيوت المأبونين، ونجَّس المرتفعات، وأباد الخيل التي أعطاها ملوك يهوذا لإله الشمس، وهدم المذابح الغريبة، فعبد الشعب الرب ولم يحيدوا عنه (2مل 22: 3 - 23: 20، 2أي 34: 8 - 33).
و - جمع يوشيا الشعب في أورشليم فقدموا توبة قوية، وعملوا الفصح للرب، وقدم ثلاثة وثلاثين ألفًا من البقر للذبائح بخلاف الخراف والجداء، فلم يُعمل فصح مثله في إسرائيل منذ أيام صموئيل النبي، ولم يكن قبله ملك مثله رجع إلى الرب بكل قلبه ونفسه وقوته، ولم يقم بعده ملك مثله (2مل 23: 21 - 25، 2أي 35: 1 - 16).
ز - في عهده انهارت الإمبراطورية الآشورية وسقطت مدينة نينوى سنة 612 ق.م.، وفقد الأسد الآشوري أسنانه، وضعفت آشور أمام هجمات البابليين، فصعد " نخو الثاني " ملك مصر ابن بسماتيك إلى معركة كركميش لمساعدة ملك آشور " آشور أوباليت " Asshur Uballit في حربه ضد البابليين، فخرج " يوشيا " ليتصدى لنخو فرعون مصر ونصحه نخو بالتنحي أجابنًا قائلًا له: مالي ولك يا ملك يهوذا؟! ولكنه اشتبك مع الجيش المصري في مجدو، فقُتل، وحمله عبيده ودفنوه في أورشليم في قبره (2مل 23: 29، 30، 2أي 35: 2 - 24).
17- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه يأخذ"، واسم أمه " حموطل بنت أرميا " من لبنة، وكان أصغر أبناء يوشيا، وكان اسمه أولًا شلُّوم، وكان عمره حين مَلَكَ ثلاثة وعشرين عامًا، ومَلَكَ نحو ثلاثة أشهر في أورشليم (2مل 23: 31، 2أي 26: 1، 2).
ب- عمل الشر في عيني الرب، وكان " نخو " ملك مصر قد عاد من معركة كركميش، ونخو هو الذي قتل أبيه يوشيا، فعزله من الحكم وملَّك ألياقيم أخاه الأكبر، وغيَّر اسمه إلى " يهوياقيم"، وأخذ معه يهواحاز إلى مصر مكبلًا بالأصفاد فمات في مصر (2مل 23: 32 - 35، 2أي 36: 3، 4، أر 22: 10 - 12).
18- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه يفتح " واسم أمه " فداية " من رومه وكان عمره حين مَلَكَ 25 سنة، ومَلَكَ إحدى عشر عامًا في أورشليم (2مل 23: 36).
ب- عمل الشر في عيني الرب، ودعى أرميا الشعب الذي ضل للعودة والتوبة كقول الرب، حتى لا تصر أورشليم خرابًا مثل شيلوه، ولكن للأسف الشديد فإن الكهنة والأنبياء والشعب قبضوا على أرميا قائلين له موتًا تموت (أر 26: 1 - 9).
جـ- استعبد نبوخذناصر مملكة يهوذا، ودفع له يهوياقيم الجزية لمدة ثلاث سنين، وأرهق الشعب بالضرائب الباهظة، وحاول الثورة على بابل معتمدًا على مصر رغم تحذيرات أرميا الكثيرة، وتمرد يهوياقيم على نبوخذناصر، وبسبب شر الشعب والملك بكتهم الرب بطاعة جماعة الركابيين الذين سكنوا الخيام ولم يشربوا خمرًا طاعة لأبيهم ركاب (أر 35: 2 - 19) وأرسل الرب على هذا الشعب العنيد الكلدانيين والأراميين والموآبيين والعمونيين ليبيدوه (2مل 24: 1 - 3).
د - وفي السنة الرابعة من مُلكه أمر الرب أرميا أن يكتب كلام نبوءته بخراب أورشليم والهيكل، فكتب في درج بيد باروخ، وقرأه باروخ على الشعب في بيت الرب في يوم الصوم، فأخذوا الدرج إلى الملك وعندما سمع الملك منه ثلاثة أو أربعة أسطر شقه بمبراة الكاتب وألقاه في النار، وأمر بالقبض على أرميا وباروخ، ولكن الرب خبأهما، وأمر الرب أرميا أن يعيد الكتابة في درج آخر معلنًا غضبه على يهوياقيم (أر 36) وفي سنة 605 ق.م. زحف نبوخذناصر على أورشليم وقيَّد يهوياقيم بسلاسل من نحاس ليقتاده إلى بابل، ثم عفا عنه، وحدث السبي الأول الذي أُقتيد فيه دانيال وأصدقائه وحمل نبوخذناصر معه بعض آنية بيت الرب ووضعها في هيكله في بابل (2أي 36: 6، 7).
هـ- في السنة الخامسة من مُلك يهوياقيم زحف الجيش البابلي على فلسطين وهدم أشقلون (أر 47: 5).
و - في سنة 601 ق.م. التقى الجيش البابلي مع الجيش المصري أيضًا فدارت معركة طاحنة قرب بيلوزيوم (بورسعيد) وتحمل الطرفان خسارة كبيرة، فعاد نبوخذ نصر إلى بابل سنة 600 ق.م. ليقوي جيشه. أما يهوياقيم فقد اعتبر أن عودة نبوخذنصر إلى بابل وهو شبه مهزوم فرصة للتمرد على بابل، بالرغم من تحذيرات أرميا مرارًا وتكرارًا بعدم الاعتماد على مصر لأن نبوخذ ناصر سيعود ثانية، وفعلًا في سنة 598 ق.م. عاد نبوخذ ناصر إلى اليهودية وقتل يهوياقيم وأشراف المدينة، وألقى بجثته بجوار السور، وتحقَّقت نبوة أرميا النبي عنه: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَنْدُبُونَهُ قَائِلِينَ: آهِ يَا أَخِي! أَوْ آهِ يَا أُخْتِي! لاَ يَنْدُبُونَهُ قَائِلِينَ: آهِ يَا سَيِّدُ! أَوْ آهِ يَا جَلاَلَهُ! 19يُدْفَنُ دَفْنَ حِمَارٍ مَسْحُوبًا وَمَطْرُوحًا بَعِيدًا عَنْ أَبْوَابِ أُورُشَلِيمَ." (أر 22: 18، 19).
19- :
أ - اسم عبري معناه " يهوه يُثبّت " واسم أمه " نحوشتا ابنة الناثان " من أورشليم، وكان عمره حين مَلَكَ ثماني عشرة سنة، ومَلَكَ فقط نحو ثلاثة أشهر (2مل 24: 8).
ب- فعل الشر في عيني الرب فحاصر جيش نبوخذ ناصر أورشليم: فخرج يهوياكين مع أمه وعبيده ورؤساؤه وخصيانه إلى ملك بابل، فسباهم إلى بابل في 16 مارس 597 ق.م.، وسبى نبوخذ ناصر عشرة آلاف من سكان أورشليم، وسلب خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك وكسر كل آنية الذهب التي عملها سليمان وملَّك عوضًا عنه عمه متَّنيا، وغيَّر أسمه إلى صدقيا (2مل 24: 9 - 17، 2أي 36: 9، 10).
جـ- أمضى يهوياكين سبعة وثلاثين سنة في سجن بابل، ثم أفرج عنه أويل مردوخ ملك بابل، الذي كان قد زامله في السجن قبلًا، فكلمه بالخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل، وبدَّل ثياب سجنه، وكان يأكل على مائدته كل أيام حياته (2مل 25: 27 - 30).
20 - :
أ - اسم عبري معناه " يهوه عدلًا"، واسم أمه " حميطل ابنة أرميا " من لبنة، وكان عمره حين مَلَكَ واحد وعشرين سنة، ومَلَكَ إحدى عشرة سنة في أورشليم (2مل 24: 18، 2أي 36: 11). وبذلك يكون ثلاثة من أبناء يوشيا تولوا المُلك تباعًا وهم يهواحاز أصغرهم، ثم يهوياقيم الأكبر، وأخيرًا صدقيا.
ب- لم يتمثل صدقيا بأبيه المستقيم يوشيا، بل تبع طريق أخويه الشريرين يهواحاز ويهوياقيم، فعمل الشر في عيني الرب، وكان ملكًا ضعيفًا فكان الشعب يعتبر أن الملك الحقيقي هو يهوياكين الذي سُبي إلى بابل، وعُثر في السجلات البابلية على عبارة أن يهوياكين المُقيد في بابل هو ملك اليهودية، وكان المسبيون يحسبون سنى سبيهم من سنة سبي ملكهم يهوياكين " وفي السنة الخامسة من سبي يهوياكين الملك" (حز 1: 2).
وقد سادت العبادة الوثنية بشكل أكبر في عصر صدقيا، حتى نجس الهيكل بمثل هذه العبادات النجسة، وتحوَّلت أورشليم إلى مركز للمؤامرات، وبعد أن كان ولاءه لبابل تحوَّل إلى مصر وشق عصا الطاعة على بابل بتحريض من الأنبياء الكذبة الذين أشاعوا بين الشعب أن الله من المستحيل أن يتخلى عن هيكله، ولم يصغِ لتحذيرات أرميا النبي، فحاصرت جيوش بابل أورشليم، وجعل نبوخذ ناصر معسكره في ربلة على نهر الأورنت بسوريا، تاركًا لقائده نبوزردان مهمة محاصرة أورشليم، كما ضرب نبوخذناصر المدن المحيطة بأورشليم مثل دبير ولخيش وبيت شمس وبيت عكاريم ليضمن قطع وصول أي إمدادات عسكرية من مصر، وعندما حُوصرت المدينة دافعت أورشليم عن نفسها ببسالة برجالها ونسائها وأطفالها، أما أرميا فقد كان له رأي آخر، وهو أن تستسلم المدينة للبابليين حتى لا تشتد نقمتهم من المدينة، ولاسيما أن هذا هو القضاء الإلهي، فاتهموه بالخيانة والموالاة لملك بابل.
جـ- دام الحصار لمدة سنتين حتى اشتد الجوع فثُغرت المدينة وهرب الملك ورجال القتال ليلًا، فتتبع البابليون صدقيا وأدركوه في برية أريحا، فأخذوه إلى ربلة لنبوخذ ناصر الذي حكم بقتل أولاده أمام عينيه، ثم أمر بقلع عينيه، وقيدوه بسلسلتين من نحاس وسبوه إلى بابل، وأحرقوا بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وهدموا أسوار المدينة وسبوا بقية الشعب ولم يتركوا إلاَّ مساكن الأرض من كرامين وفلاحين (2مل 25: 8 - 12، 2أي 36: 12 - 21)
ويقول " الأب متى المسكين": "ومع أن أورشليم صمدت صمود الجبابرة حتى صيف السنة التالية، لكن كان مصيرها محتومًا، فأراد صدقيا أن يستسلم (أر 38: 14 - 23) ولكنه جبن، وفي يوليو 587 ق.م. في السنة الحادية عشر من مُلك صدقيا سقطت المدينة أثناء الليل (2مل 25: 12، أر 52: 7) بعد أن فرغ تموين الشعب، فاقتحم البابليون الأسوار واندفعوا داخل المدينة وأحرقوا الهيكل عن آخره بحسب يوسيفوس. أما الملك صدقيا ففر مع حاشيته وعساكره ليلًا نحو الأردن (2مل 25: 4، أر 52: 7) طلبًا للأمان في عمان، ولكنه أُوقف قرب أريحا وقُبض عليه وقدَّموه أمام نبوخذنصر وهو معسكر في ربلا في سوريا ولم يرَ رحمة!! فبعد أن قتلوا أولاده أمام عينيه خلعوا عينيه وربطوه بسلسلة إلى بابل حتى مات هناك (2مل 25: 6، 7، أر 52: 9 - 11) وحضرت قوات نبوخذنصر وهدموا أسوار المدينة إلى الأرض، وقبضوا على خدام الهيكل ورجال الدين ورؤساء الشعب واستقدموهم أمام نبوخذنصر وقتلوهم أمامه، وبقية الشعب رُحَل إلى السبي في بابل. ويقدّر أرميا عدد الرجال البالغين منهم 832 شخصًا".
وبهذا كانت نهاية مملكة يهوذا سنة 586 ق.م.
أ. حلمي القمص يعقوب