التلعثم أو التَّأتأة (Stuttering)
أولاً- تعريف التأتأة:
يعرّف التلعثم بأنه عيب من عيوب الكلام, يتمثل في تكرار, او إطالة بعض الأصوات, أو المقاطع الصوتية أو الكلمات. وعادة ما تأتي نهاية الكلمة متأخرة عن بدايتها ومنفصلة عنها, وتصاحب بحالة من المعاناة والمجاهدة. وقد تُرفرف عينا المتلعثم سريعاً أو ترتجف شفتاه أو يرتعش فَكَّاه عندما يحاول جاهداً أن ينُطق الكلمات. بل هو يصاب بالتوتر عندما يحاول بدءَ الكلام. ويمكن أن تتأثَّرَ التَّأتأة بالحالة الانفعالية لدى الشخص. أي عندما يكون مستثاراً أو متعباً أو واقعاً تحت شدة نفسية. وتتفاقم عندما يكون مصاباً بالارتباك.
.ثانياً- اسباب التأتأة:
1- الوراثة: تلعب التركيبة الوراثية دورا كبيرا في انتقال التلعثم داخل الأسرة.ووفقاً لبعض الدراسات فإن 75 بالمائة ورثوا التأتأة عن عائلاتهم.
2- الطفولة وظروف التنشئة الاجتماعية.
3- ظاهرة الشول: يرتبط التلعثم بحدوث ظاهرة الشول, فالفرد الأعسر أكثر قابلية للتلعثم.
4- أسباب انفعالية وأسرية: فالطفل قد لا يتلعثم وهو مع قريب له, أو عندما يكون بمفرده. ولكنه يتلعثم بشدة إذا كان مع آخرين يمثلون السلطة بالنسبة له.
لا تظهر التأتأة في كل الأوقات بدرجة واحدة, وعادة ما تحدث في البنين ثلاثة أمثال حدوثها في البنات. ومن المدهش ان نسبة المصابين بالتأتأة يبلغ نحو خمسة بالمائة من الأطفال, وهذا يعني ان خمسة بالمائة يجدون صعوبة في التواصل مع الآخرين. وقد اصيب بهذه الظاهرة عدد من المشاهير, امثال الكاتب البريطاني جورج برنارد شو، والعالم إسحاق نيوتن، والفيلسوف اليوناني أرسطو.
ومن المفارقات التي تحدث بين المتلعثمين هي قدرتهم على الغناءبطلاقة ودون تلعثم حتى لمرة واحدة. والسبب في ذلك يعود الى تركيبة الدماغ, فالجزء الأيمن منه هو المسؤول عن الغناء، في حين أن الجزء الأيسر هو المسؤول عن الكلام، ولدى المصابين بالتأتأة تظهر على هذا الجزء اضطرابات، وبالتالي فإن الغناء بالنسبة لهؤلاء لا يشكل أي مشكلة على الإطلاق.
ثالثاً- انواع التأتأة
يكون ذكاء المتلعثمين عادة متوسطاً أو أعلى من المتوسط. لذلك تختلف التأتأة عندهم عن الاشكال الأخرى من الاضطرابات الكلامية التي توجد لدى الأطفال الذين ذكاؤهم دون المتوسط. وتقسم التأتأة إلى:
*التأتأة الارتقائية: تنتشر التأتأة عادة لدى الذكور أكثر منها لدى الإناث, وتبدأ في مرحلة الطفولة, وقد تكون عارضة عند الأطفال الصغار وهم في مراحل ارتقائهم. ويكون ظهورها في هذه الحالة بين الثانية والرابعة من العمر، وقد تستغرق عدة شهور، ولذا تسمى (التأتأة الارتقائية).
*التأتأة الحميدة: وعادة ما تبدأ بين ست, وثماني سنوات من العمر. وتستغرق سنتين أو ثلاث سنوات.
*التأتأة المتمكنة: وعادة ما تبدأ في سن ثلاث, إلى ثماني سنوات, وتستغرق فترة طويلة، إلا إذا حدث تدخل فعال لعلاجها. وتعد التأتأة التي تظهر في عمر الخامسة أكثر خطورة من التي تظهر في عمر مبكر.
رابعاً- علاج التأتأة:
يتم العلاج بقراءة نص مطالعة في المستوى التعليمي للفرد المتلعثم أمام جهاز تسجيل، ثم يقوم المتلعثم بسماع صوته في شريط التسجيل, وفي نفس الوقت يقرأ نفس النص المسجل كلمة بكلمة. وتتكرر التجربة عدة مرات حتى يتم تصحيح مواقف التلعثم.
يُشفى عادة من الأطفال المتلعثمين ما بين 60 إلى 80 في المائة مع مرور الوقت ومن تلقاء أنفسهم، فيما يضطّر البعض الآخر إلى تعلم الكلام بطريقة عادية.
خامساً- نصائح للأهل لمساعدة اطفالهم
*اجعل الكلام ممتعاً بالنسبة للطفل, ولا تجبره على التحدث "على نحوٍ صحيح" طوالَ الوقت. لئلا يكون قلقاً أو منزعجاً من التَّأتأة.
*أغلق جهازَ التلفزيون وتجنَّب أيَّ تشويش آخر عندما يتحدث طفلك. وركِّز على ما يقوله، وليس على طريقة قوله.
* لا توجِّه الانتقادات إلى الطفل في أثناء كلامه. إن توجيه ملاحظات من قبيل "تحدث ببطء" أو "استنشق نفساً عميقاً" يمكن أن تجعلَ الطفل أكثرَ ارتباكاً.
*لا تحاول أن تجعلَ طفلك يتحدَّث أو يقرأ بصوتٍ مرتفع عندما يكون في حالةٍ غير مريحة، أو عندما تزداد التَّأتأة عنده. بدلاً من ذلك، عليك أن تشجِّعه خلال هذه الأوقات على نشاطات لا تتطلب كلاماً كثيراً.
*عندما تتكلَّم مع طفلك، حاول أن يكونَ صوتك واضحاً هادئاً. حاول أيضاً أن تتكلم ببطء. كما يجب أيضاً أن تفعل هذه الأشياء عندما تتكلم مع شخصٍ آخر في حضور طفلك المصاب بالتَّأتأة.
*عندما تستمع إلى طفلك وهو يتلعثم، حاول أن تحافظَ على التواصل البصري بينكما. لا تُدِر وجهك ولا تسمح للانزعاج بالظهور على تعابيرك. إن التواصل غير الكلامي ينقل مشاعرك إلى طفلك مثلما ينقلها الكلام الذي تقوله له. دع طفلَك ينهي كلامَه دائماً من غير مقاطعة. لا تتكلم بالنيابة عنه، حتى إذا كنت تعرف ما يريد قوله. وعندَ الاستجابة إلى شيءٍ يقوله الطفل، تمهَّل قليلاً لتفكر فيما قاله لك حتى تفهمَه على الوجه الصحيح. يمكنك مساعدة الطفل على الإحساس بمزيدٍ من الراحة في أثناء كلامه، وذلك من خلال كونك مستمعاً صبوراً مهتماً.
تذكَّر أنَّ هذه المرحلة صعبة على الطفل، وأنَّ المساندة العاطفية ضروريّة من أجل نموه وتطوُّره.
خاتمة
التَّأتأةُ مُشكِلةٌ من مشاكل الكلام يمكن أن تُصيبَ أيَّ إنسان. لكنها أكثر شُيوعاً لدى الأطفال الصغار في أثناء تعَلُّم الكلام. ويمكن للأهل مساعدة أطفالهم وجعلهم يشعرون براحةٍ أكبر عند الكلام، وذلك من خلال الصبر والإصغاء الجيد. وعلى الأهل أن يتذكَّروا دائماً أنَّ هذه المرحلة صعبة على الطفل. وإن توفر المساندة العاطفية وتوفُّر الفرصة للكلام من غير انتقادٍ أو مقاطعة أمرٌ شديد الأهمية من أجل تطور الطفل ونموِّه. متذكرين قول الكتاب:
(2 أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحاً وَصَحِيحاً، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ.) 3يوحنا1: 2.